أعيدوا إلى اللّغة العربيّة رونقها وفخرها!

د. جويل رمزي فضّول - رادار سكوب:

وسط بلدٍ يتخبّط في الصّراعات السّياسيّة، ووسط مُجتمع يركع رازحًا تحت الأعباء الاقتصاديّة والعجز والدّيون، قرّرت مدرسة الطّفل يسوع لراهبات المحبّة – بزنسون بعبدات، أن تتجاوز هذا الجوّ الدّامس وأن تُكرِّم تلامِذتها ولا سيّما الأطفال منهم، بطريقة مُختلفة، لتُبعدهم ولو لساعات قليلة من الشّاشات، وتأسُرهم في عالم أدب الأطفال.

هكذا، بدأت النّشاطات يوم الاثنين 10 كانون الأوّل 2018، ومُنذ الصّباح الباكر، تمهيدًا لليوم العالميّ للّغة العربيّة. إذ أبدعت المؤلّفة ماري مطر، داخل عالمٍ تَغْزوه الوسائلُ التّكنولوجيّة، في أن تَخْرُق هذا الحاجزَ وأن تحملنا على أجنحةِ كلماتِها البريئةِ إلى عالمٍ طفوليٍّ يحلُم به كلُّ واحدٍ منّا، أصغيرًا كان أم كبيرًا. عالم اشتاق إلى تلك الكلمات الشّفّافةِ الّتي تُدخِلُ إلى قلوب أطفالنا البهجةَ والسّرور، فتدغدغُ خيالَهم عبرَ لُغةٍ تُحاكي عصرهم.

نعم، نجحتِ هذه المُبدعة اللّبنانيّة، والّتي نفتخر بأمثالها، في أن تُدْخِل إلى قلبِ الّذين تابعوها في عرض قصصها وخصوصًا في مسرح الدّمى بالأمس شعورًا غريبًا نحنُ بأمسِّ الحاجةِ إليه، فحملَتْنا إلى أماكنَ دافئةٍ ملوّنة، تُشعُّ بالمحبّة والفرح، بالضّحكة والأمل. لذلك، قرّرت رئيسة المدرسة الأخت ماري راشد وبالتّنسيق مع قسم اللّغة العربيّة تسليمها درعًا تقديرًا لمُشاركتها المميّزة في يوم اللّغة العربيّة، هي الّتي عرفت بابتسامتها المشعّة أن تَنْقُلَ البهجةَ والفرح إلى حروفِ عالمِ أدبِ الأطفال. والجدير ذكره، أنّ الأديبة مطر قد خصّت مدرسة البزنسون بعبدات بعرض قصّتها الأخيرة "سارة والأضواء" للمرّة الأولى، فعمّت أجواء العيد والفرح وعلت الضّحكات البريئة لتصدح في أرجاء المدرسة.

وبعد الانتهاء من عرض المؤلّفة ماري مطر، تمّ افتتاح معرض أدب الأطفال والّذي يُقام في مكتبة المدرسة بهدف حثّ التّلاميذ على المُطالعة، فكانت علامات الدّهشة تظهر على وجوه الأطفال عند رؤيتهم القصص الجديدة الملوّنة والمكتوبة بأسلوب جديد شيّق. لذلك، رأت المدرسة أن تفتح أبواب المكتبة للأهل أيضًا لكي تُسنح لهم الفرصة في اختيار ما يرونه مُناسبًا لأطفالهم، ولا سيّما أنّ دور النّشر المُشاركة (أصالة – أكاديميا – الأهليّة) قد ركّزت وبطلب من قسم اللّغة العربيّة على اختيار القصص المتعلّقة بأدب الأطفال فقط.

وهنا، ومن خلال مواكبتنا لهذا اليوم، لا بُدَّ من أن نُطلق صرخة عالية علّها توقظ تلك العقول، وتسعى إلى دعم أطفال اليوم بلغة تُحاكي حاجاتهم، وكُتب تسمح لهم بُمتابعة المُطالعة بأسلوب سلس. إنَّ دور النّشر مليئة بقصص أدب الأطفال، إلّا أنّ الغُبار يتآكلها يومًا بعد اليوم، لأنّ لا وجود لِدولة تُقدِّر أُدباء ومؤلّفين مُبدعين، ولا وجود لِمن يأخذ على عاتقه أيّ مُبادرة ثقافيّة. أولادُنا اليوم بحاجة إلى أن يعودوا إلى عالمهم البريء، وخصوصًا إلى عالمٍ كلماته مكتوبة باللّغة العربيّة، وأحرفه منقوشة على صفحات ملوّنة. لقد ولّى عصرُ أجدادنا، ورحلت معهم قصصهم الّتي كُنّا نجلس أمامها في حلقات لِنستمع إلى أحاديثهم وقصصهم، وآن الأوان لنستعيد تلك الجلسات ولكن بطريقة مُختلفة، بطريقة تواكِب عصرنا الحاليّ، بطريقة تأسر خيال أطفال اليوم.

هيّا بنا، فلنستيقظ من هذا السُّبات العميق قبل فوات الأوان، ولنصرخ معًا بصوتٍ عالٍ: "أعيدوا إلى اللّغة العربيّة رونقها وفخرها!".

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا

د. جويل رمزي فضّول | رادار سكوب

2018 -

كانون الأول -