أيقونة الاحداث... تبقى المرأة

رادار سكوب

2020 -

آذار -

المحامية رانيا إيليا نصرة - رادار سكوب:

وسط ضجيج أزمات المال والحكم والتهاب الجبهات في بقاع مختلفة من العالم وأخيرا ليس آخرها اكتساح وباء الكورونا مساحات شاسعة من العالم ، تبقى المرأة أيقونة الاحداث كافة في يومها العالمي لأنها من بين ندرة نادرة تبقى كلماتنا في ايفائها دورها وهويتها وكيانها أسمى من أي كلام.

فذكرى يوم المرأة العالمي يأتي هذا العام على وقع احداث كبيرة اختُبرت من خلالها قدرات المرأة في كافة المجالات ، هذا ولا يسعنا الا ذكر بروز وجوه نسوية أدخلت الى ذاكرتنا المجتمعية الدولية والمحلية مفاهيم جديدة في نظرتنا للمرأة ودورها ، ولاكتمال هذه التحية لا يسعنا الا توجيه تحية تقدير ووفاء لتلك النسور الانثوية التي غادرتنا هذا العام تاركة فراغات لا تعوّض في فلكها.

وفي المناسبة ، لقد اطلقت منظمة الأمم المتحدة للمرأة شعار ذكرى يوم المرأة العالمي لهذا العام تحت راية " أنا جيل المساواة: إعمال حقوق المرأة " وذلك على وقع مرور 25 عامًا على اعتماد إعلان ومنهاج عمل بيجين، والذي اعُتمد في عام 1995 في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بيجين، الصين، باعتباره خارطة الطريق الأكثر تقدمًا لتمكين النساء والفتيات في كل مكان.

ما زال ليومنا هذا يشهد وضع المرأة الحقوقي والاجتماعي في العالم انتكاسات وخيبات أمل على مستويات عديدة على الرغم من الجهود الحثيثة الدولية لتحسينه ،إذ كشفت منظمة الأمم المتحدة للمرأة، عن تعرّض حوالي ثلث النساء حول العالم لأحد أشكال العنف الأسري أو الجنسي، وتزيد النسبة قليلا في العالم العربي لتصل إلى 37 في المئة. وفي هذا السياق، تبّيّن الارقام بأنه فقط في فرنسا فقد قتلت 101 امرأة على يدي شريكها في 2019. كما رصدت المنظمة أنه في الدول النامية تحديدا تظل النساء لتاريخه رهنا للعمالة المنزلية غير المدفوعة أو زهيدة الأجر ، تتابع المنظمة بأن قطاعات، مثل العلوم والبحث العلمي ما زالت ساحة ذكورية إلى حد كبير، إذ تلجأ حوالي 30 في المئة فقط من الفتيات عالميا لدراسة العلوم والرياضيات. كما أن نسبة النساء ضمن الباحثين على مستوى العالم تقل عن 30 في المئة.

التقدم الأبرز كان في ساحة التعليم، فتكشف آخر إحصائيات البنك الدولي لدول الشرق الأوسط أن نسبة التعليم بين النساء بلغت 87.7 في المئة عام 2018، مقارنة بـ 81.3 في المئة عام 2000 لكن هذا التقدم لا يقابله زيادة فرص النساء في سوق العمل. أما على الصعيد السياسي ، فالارقام تشير الى أنه حتى الآن عشر نساء فقط في مناصب الرئاسة، و13 امرأة في رئاسة الحكومات، وكلهن يتركزن في 22 دولة. كما لا تتعدى نسبة تمثيل المرأة في البرلمانات عالميا 24.9 في المئة. هذا على صعيد التقارير الدولية حول وضع المرأة في العالم .

أما على صعيد الانجازات التي حققتها المرأة هذا العام فقد كشفت بي بي سي قائمة أكثر 100 امرأة ملهمة ومؤثرة لعام 2019، وورد بين الأسماء 17 اسما من البلدان العربية نذكر بعضها : اللبنانية نجاة صليبا الرائدة على مستوى العالم حول تلوث الهواء ، السودانية أحلام خضر (أم هزاع) الملقبة بـ "أم كل الشهداء السودانيين"، ويلقبها كثير من أبناء بلدها بـ "أيقونة الثورة ، الجزائرية رجا مزيان التي حصلت أغنيتها "Allo le Système!" على أكثر من 35 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب، وتتناول أغانيها المعارضة للحكومة قضايا الظلم الاجتماعي ومزاعم الفساد وغياب المساواة، حتى أنها اضطرت لمغادرة البلد منذ سنوات بسبب إحدى أغنياتها، الليبية رضا الطبولي التي تسعى من خلال منظمتها "معا نبنيها" للدفع نحو إشراك النساء في حل الصراع الدائر في ليبيا من خلال عدة مبادرات، التونسية هيفاء سديري التي أطلقت في عمر الـ 16 منصة غير ربحية اسمها Entr@crush لرائدي الأعمال المستقبليين؛ حيث يمكن وصلهم بمتبرعين للمساعدة في تمويل مشاريعهم، اللبنانية داينا آش المولودة في أميركا ، بعد عودتها للبنان بعمر الـ 16 أسست "هافن فور أرتيستس"، وهي منظمة تضم فنانيين ونشطاء من كافة الأطياف. وهذه المنظمة هي الوحيدة في لبنان التي تؤمن مساحة ثقافية وإبداعية للنساء وللمنتميين لمجتمع الميم في البلد، السورية مروة الصابوني التي عملت كمهندسة معمارية على توثيق فترة المعارك في مدينة حمص السورية في كتاب حكت فيه قصصا عن تاريخ مدينتها وقد حصلت على جائزة الأمير كلاوس لعملها في هذا المجال، السودانية غادة كدودة وهي تساعد نساء عدة في مناطق نائية من السودان لتوليد الكهرباء في قرى فقيرة باستخدام الطاقة الشمسية وقد سمتها منظمة اليونيسف كواحدة من النساء المبتكرات؛ فقد كانت وراء إطلاق أول مختبر للابتكار في السودان، والذي يمنح الطلاب مساحة للعمل المشترك ولحل المشاكل، السعودية منال الضويان وهي فنانة معاصرة، طوال 15 عاما وهي تستكشف في أعمالها مواضيع تتعلق بالأرشيف والذاكرة وتمثيل المرأة السعودية، عرض اثنين من أعمالها في الغاليري الإسلامي في المتحف البريطاني خلال العام 2018 ، المصرية فريدة عثمان المسماة بـ "السمكة الذهبية" في مصر عام 2017 ، أصبحت أول شخص في بلدها يحقق عالميا رقما قياسيا في السباحة عندما حصلت في بطولة العالم للألعاب المائية على ميدالية برونزية لسباق الخمسين متر فراشة، كما حصلت على الميدالية ذاتها هذا العام للمرة الثانية ، السورية نور شاكر التي غادرت مهندسة اتجهت في العام 2008 نحو أوروبا بسبب شغفها بمتابعة دراسة الذكاء الصنعي. جذب عملها اهتمام شركات دواء عالمية كما وضعتها جامعة MIT الأمريكية الشهيرة على قائمة "مبتكرين تحت سن الـ35 عاما".، اليمنية سماح سبيع تعمل كمحامية وتقدم الدعم القانوني لأهالي المعتقلين والمختفين قسريا وضحايا التعذيب وقد تمكنت مع فريقها هذا العام من خلال عملها مع منظمة مواطنة لحقوق الإنسان من لم شمل بعض هذه العائلات، الكويتية العنود الشارخ وهي واحدة من مؤسسات حملة إلغاء المادة 153 التي تنادي بإلغاء قانون ما يسمى بـ "جرائم الشرف" في الكويت وكانت أول كويتية تحصل على وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي لدفاعها عن حقوق المرأة، اللبنانية ية بدير مؤسسة شركة ليتل بيتس "LittleBits" التي اخترعت مجموعة وحدات إلكترونية ممغنطة والتي تسمح لأي شخص "بالبناء والاختراع".

اطلقت آية في العام 2019 مبادرة بقيمة 4 ملايين دولار موّلتها شركة ديزني لمحاولة سد الفجوة بين الجنسين في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار من خلال تزويد 15000 فتاة في عمر العاشرة في كاليفورنيا بمجموعات مجانية من قطع ليتل بيتس، المصرية رنا القليوبي وهي رائدة أعمال مختصة بالذكاء العاطفي الصناعي. طورت برنامجا لفهم المشاعر عبر تحليل تعابير الوجه من خلال الكاميرا، الموريتانية أيساتا لام التي أنشأت أنشأت غرفة التجارة للشباب في موريتانيا لدعم رائدات الأعمال الشابات اللاتي يكافحن من أجل الحصول على تمويل لشركاتهن الناشئة وقد عينها الرئيس الفرنسي ماكرون عضوة في المجلس الاستشاري للمساواة بين الجنسين في مجموعة السبع وأخيرا الصومالية البريطانية جواهر روبل وهي أول امراة مسلمة ذات بشرة سوداء ترتدي الحجاب تحكم مباراة في المملكة المتحدة.

من خارج قائمة بي بي سي ، لا يسعنا الا ذكر انجازات الدكتورة ماريان أبي فاضل عميدة كلية الصيدلة في جامعة القديس يوسف في بيروت USJ الحائزة على دكتوراه في الصيدلة والمتخصصة في البيولوجيا المخبرية والجينية في جامعة Paris Descartes، وهي نجمة جديدة في سماء الإنجازات اللبنانية في العالم من خلال أبحاثها التي تعطي أملاً جديداً لمرضى الكوليسترول والقلب بعد اكتشافها ثالث "جين" مسؤول عن أحد أمراض الكوليسترول الوراثية. وسمح الاكتشاف بتطوير دواءين بيولوجيين لمحاربة هذه الأمراض ومضاعفاتها السلبية على القلب والأوعية الدموية.

وعلى خط منفصل عن الاكتشافات العلمية ، الحدث الابرز للبنانيات هذا العام كان ارتفاع نسبة مشاركتهن في الوزارات المؤلفة كما أنهن لعبن دورا رياديا في المظاهرات الشعبية، وأسهمن في إطلاق العديد من المبادرات، لدعم ومساندة المتظاهرين. وشهدت ساحات التظاهر حضورا بارزا للنساء، في مقدمة الصفوف، وفي مواجهة الأجهزة الأمنية.

أما عن اقوى سيدات استطعن كسر هيمنة الرجل على العديد من المناصب فى الحياة السياسية والاقتصادية في العالم بحسب ما كشفته مجلة "فوربس"، تأتي أنجيلا ميركل في الطليعة وهي أصبحت أول مستشارة لألمانيا في عام 2005 وتخدم فترتها الرابعة، تقود أكبر اقتصاد فى المنطقة بعد قيادة ألمانيا فى الأزمة المالية والعودة إلى النمو تليها كريستين لاجارد ، أول امرأة فرنسية ترأس البنك المركزلا الأوروبى في 1 نوفمبر 2019 ، ثم من بعدها نانسى بيلوسي .. الرئيسة الثانية والخمسين لمجلس النواب الأمريكى التي بدأت في العام 2019 إجراءات الفصل الرابع فى تاريخ الولايات المتحدة ضد الرئيس دونالد ترامب، ونذكر من الاسماء الاخرى اورسولا فون دير لاين وهى أول امرأة تشغل المنصب رئيسا للمفوضية الأوروبية ، والمسئولة عن التشريعات التي تؤثر على أكثر من 700 مليون أوروبي، مارا بارا الرئيس التنفيذى لشركة جنرال موتورز منذ عام 2014 ، استثمرت بارا المليارات فى السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة ، ميلندا جيتس التي تعد أقوى امرأة فى العمل الخيرى كرئيس مشارك لمؤسسة بيل وميليندا جيتس وهى مؤسسة خيرية تأسست في عام 2000 مع صندوق ائتماني بقيمة 40 مليار دولار.

هذا وحصدت ميغان ماركل لقب "المؤثرة الأبرز عالميا على صعيد الموضة ، واستطاعت أن تصيب الملكية البريطانية بتغييرات جذرية في بروتوكولاتها المترسخة لعصور.

وفي ختام هذا المقال لا بد أن نذكر أن ذكرى اليوم العالمي للمرأة يمر حزينا هذا العام بعد خسارة الاعلام العربي وشبكة العربية الاعلامية اللبنانية البارزة نجوى قاسم التي وافتها المنية في دبي عن سن ناهز 52 عاما. نوجه لها تحية تقدير ووفاء لعطاءاتها في هذا اليوم العالمي.

كل عام والمرأة في طليعة عطاءاتها ، كل عام والمرأة نصف المجتمع والشريك الاول للرجل!

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا