رسالة مفتوحة إلى بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي

د. جويل رمزي فضّول

رادار سكوب

2019 -

كانون الأول -

رادار سكوب – د. جويل رمزي فضّول :

تحيّة مؤلِمة وبعد،

لا أدري إن كانت ستصلكم رسالتي هذه، ولا أدري إن كان الوقت سيسمح لكم بمداواة جرح حروف هذه الرّسالة، ولكنّني لا أكفّ وأسأل نفسي، أين البطريرك؟ أين الفِكر اللّاهوتيّ المسيحيّ المُتمرِّد على سياسات الظّلم والنّفاق، أينَ عصا الموارنة الّتي تضرب الأرض بعزم لمواجهة أعاصير العوز والفقر؟ كفاكُم وعظًا وكلامًا مبطّنًا، الوضع ما عاد يحتمِل هذا النّوع من السّلام! وفي كلّ يوم، يكبر جرحنا أكثر وأكثر، ينزف دمًا على شباب جعلوا الشّارع بيتهم المتنقّل، وافترشوا الأرصفة، ليُطالبوا بأدنى الحقوق، ليُطالبوا بإعادة الكرامة، إليهم وإليكم أيضًا!

أما حانَ الوقت يا سيّدنا، أن تدقّوا ناقوس الخطر؟ أما آن الأوان أن تلملموا جراحات اللّبنانيّين، كلّ اللّبنانيّين ومن دون أيّ استثناء! أو علينا أن نموت الواحِد بعد الآخر، وأن نُذلَّ بعد أكثر وأكثر. نسمع من حين إلى آخر رسالة توجّهونها إلى الشّباب وأخرى إلى "محتلّي" الكراسي في السّلطة، ولكن هل تظنّهم يأخذون كلامكم على محمل الجدّ؟ ألم تطالبوا بأنفسكم بالاستماع إلى صوت الشّعب؟ ألم تحرق قلبكم صرخة هذا الشّاب المُقعد من ذوي الاحتياجات الخاصّة؟! ألم تجدوا أنّ هذه الصّرخة هي نداء استغاثة. نعم، نحن نُناديكم يا سيّدنا، نناشدكم أن تتصرّفوا، لا ندري بأيّ طريقة ولكن تصرّفوا! إفعلوا ولا تتوقّفوا عند الكلام فقط! الكلام ما عاد يكفي، الكلام لا يُمكنه إيقاف عدوى اليأس الموجودة عند الشّعب، وخصوصًا عند المسيحيّين! تطلبون منّا أن نصبر، أن نتحلّى بالإيمان، أن نصلّي... ولكن الوضع يحتاج إلى حِكمة الموارنة، الّذين حموا هذه البلاد منذ القِدم، الوضع يحتاج إلى أمثال البطريرك الياس الحويّك يا سيّدنا! هل تتخايلون ما الّذي كان سيقوم به مثلًا لو أنّه كان يعيش معنا اليوم؟!

لا بدّ أن تؤذيكم كلماتي هذه، لا بدّ أنّها ستُزعجكم، ولكن هذه هي الحقيقة المرّة، الحقيقة كما هي... خلّصوا أرض لبنان من كلّ هذا الخراب، أضربوا بيدٍ من حديد واجمعوا كلّ زعماء الطّوائف، أقلّه المسيحيّين منهم، أسمعوهم الكلام المؤلِم وأروهم الصّورة الحقيقيّة كما هي. بربّكم تصرّفوا، الوضع إلى مزيد من الفلتان والتّعنّت والتّمرّد، هم يتمسّكون بكراسيهم ومناصبهم، هم يخافون أن تُفضح حيلهم ومخطّطاتهم، هم يتلذّذون بسرقة لقمة عيشنا، ونحن نُذلّ على أبواب المُستشفيات والبنوك والدّوائر والطّرقات، نكدح ليل نهار خوفًا على رواتِبنا...

بربّكم تصرّفوا، وأنقذوا هذا الشّعب، تصرّفوا ولا تُساهموا في الجريمة الّتي تحصل، أطلقوا صفّارات الإنذار، فلتكن أفعالكم أقوى من كلماتكم، ونحن نعلم أنّ الكنيسة اليوم لا تمرّ بأفضل أيّامها، إبدأوا من جدران بيتكم وانطلقوا نحو الخارج. أوقفوا كلّ هذه السّخرية، وأنقذوا ما تبقّى من هذه البلاد.

بربّكم تصرّفوا، شعب لبنان ينزف، شعب لبنان لولا إيمانه لما بقِي صامِدًا حتّى اليوم، ولولا وجود قدّيسيه لما واجه كلّ هذه التّحدّيات، فكونوا على قدر هذه المسؤوليّة الموكلة إليكم، وأعيدوا إلى اللّبنانيّين ثقتهم بالكنيسة المارونيّة، لأنّ زمن العجائب ولَّى!

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا