مجموعة الواتساب والسجال.. ليست مسألة رمانة بل قلوب ملآنة!

جهاد نافع

الديار

2017 -

تشرين الثاني -

من يتتبع حركة العلاقات القائمة بين تيار والمستقبل و«الجماعة الاسلامية» منذ مدة والى اليوم يلاحظ انها بلغت مرحلة يمكن وصفها بغياب الانسجام بينهما وفقدان التواصل الايجابي وفق توصيف المسؤول التنظيمي لـ«الجماعة الاسلامية» في عكار محمد هوشر.

غير ان هذه العلاقات بين الطرفين باتت متجهة في الآونة الاخيرة الى التأزم حتى الفراق النهائي سياسيا وانتخابيا بالرغم من أن لا شيء ثابتاً في السياسة اللبنانية حيث اعتادت الساحة اللبنانية ان تشهد تقلبات وانعطافات سياسية بين حين وآخر، بعضها يخرج عن المألوف..

ليست المسألة بين التيار الازرق و«الجماعة الاسلامية»، مسألة رمانة بل هي مسألة قلوب ملآنة ،هذا من جهة،ومن جهة ثانية فان للعلاقة المتأزمة بين الطرفين ابعاد اقليمية ذات صلة بالموقف السعودي من «تنظيم الاخوان المسلمين» (والجماعة الاسلامية احد فروع الاخوان) وبالخلافات الحاصلة في الخليج العربي بين السعودية وقطر والسعودية وتركيا الحاضنة لـ«الاخوان المسلمين» وبالتالي الحاضنة لـ«الجماعة الاسلامية» في لبنان.

تعتبر اوساط سياسية ان الفراق بين «الجماعة الاسلامية» وتيار المستقبل هو ترجمة للفراق الفكري القائم بين السعودية الوهابية و«الاخوان المسلمين» (الجماعة الاسلامية احد فروعها) بحيث لا يمكن للرئيس الحريري ان يؤسس اي تحالف مع «الجماعة» المرتبطة بالنظام التركي والاقرب الى قطر، في حين يجري الرئيس الحريري مشاورات لضم مرشح لـ«الاحباش» الى لائحته في بيروت الثانية بعد التقارب الذي حصل بين «جمعية المشاريع الاسلامية الخيرية» (الاحباش) والسعودية والتي تمثلت بالزيارة الودية المفاجئة التي قام بها وفد من «الاحباش» الى السفارة السعودية في بيروت لاول مرة في تاريخ العلاقات بين الطرفين.

اضافة الى ذلك فان غياب الانسجام بين تيار المستقبل و«الجماعة الاسلامية» وصولا الى الازمة الواقعة بينهما تجلت في اكثر من مشكلة دفعت باتجاه التأزم:
اولا: بدء مسار الفراق بين الطرفين في الاشكال الذي حصل بتعيينات مستشفى سبلين الحكومي حين اقدم تيار المستقبل على شطب عضو مجلس الادارة احمد الصغير المنتمي الى «الجماعة الاسلامية» واستبداله بعضو من تيار المستقبل وقد حصل سجال بين النائب محمد الحجار والمستقبل من جهة و«الجماعة الاسلامية» على خلفية توزيع الحصص في التعيينات واستبعاد «الجماعة» منها.

ثانيا: الاشكال الثاني الذي وقع بين نائب عكار وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي والمسؤول السياسي لـ«الجماعة» في الشمال ايهاب نافع على خلفية حملة نصرة يوم الجمعة والمطالبة بالتعطيل في هذا اليوم مقابل عطلة الاحد، واعتبر السجال الذي وقع بين مرعبي وايهاب الشرارة التي اشعلت مسيرة الفراق وصولا الى الطلاق البائن بينهما نظرا لشدة اللهجة التي اعتمدت في السجال بين الطرفين حين رد المرعبي على تسجيل صوتي ضمن مجموعة على احدى وسائل التواصل الاجتماعي (الواتساب) تضم قضاة ومشايخ ونواب بينهم المرعبي، والتسجيل الصوتي عائد للشيخ الدكتور (محمد أطلب) الذي لا ينتمي لـ«الجماعة الاسلامية» وهو يقود حملة نصرة يوم الجمعة حيث انتقد في التسجيل: «صمت تيار المستقبل ورفضه توقيع العريضة المطالبة بعطلة الجمعة والتي وقعها نواب حركة امل وحزب الله وان المسيحيين لا مانع لديهم في حال اتفق المسلمون على العطلة فيما تبقى المشكلة لدى التيار الازرق الذي لم يطالب نوابه بعطلة يوم الجمعة كاملا والتنازل لصالح مشروع قانون قدمه النائب عمار الحوري القاضي بالعمل حتى الساعة الحادية عشرة وان المستقبل رفض اقتراحا بسحب مشروع الحوري وابقاء مشروع النائبين خالد ضاهر وعماد الحوت للتصويت عليهما ويختم الدكتور اطلب تسجيله بالقول ان المشكلة هي عند تيار المستقبل حصرا والمرض هو في كتلة المستقبل للاسف الشديد ويجب ان نسمي الاشياء بمسمياتها».

التسجيل الصوتي المذكور للشيخ الدكتور محمد أطلب نقله المسؤول السياسي لـ«الجماعة الاسلامية» في الشمال ايهاب نافع مرفقا به التالي: «هل تيار المستقبل هو الذي حرم المسلمين من عطلة الجمعة؟ ماذا جرى تحت قبة البرلمان؟ من هي الكتل التي رفضت التعطيل يوم الجمعة؟ استمع».

حين استمع المرعبي الى التسجيل الصوتي التبس عليه صاحبه ولم يستطع التمييز بين ان يكون التسجيل للشيخ محمد اطلب غير المنتمي لـ«الجماعة» او لمسؤول «الجماعة» فرد في تسجيل صوتي ضمن مجموعة الواتساب متوجها الى مسؤول الجماعة السياسي قائلا: «كلمة مرض مردودة اليك والمرض لديك انت شخصيا وهذا الكلام مرفوض المرض هو بالعقول التي لا تعود الى الاصول التي تقول اذا نودي للصلاة من يوم جمعة فذروا للبيع اي انهم كانوا في عملهم».

وقال المرعبي «اذا كان الموضوع بهذه المقاربة التي تطرحها امام الرأي العام فاريد ان اعتذر منك ومن الرأي العام ولكن اخرج بّرا وكلامك مردود عليك وعلى من يقوله المرض هو في العقول المريضة التي لا تتقبل النقاش فيما نحن منفتحون كليا».

مسؤول «الجماعة» السياسي في الشمال رد على المرعبي قائلا: «فوجئت بالوزير معين مرعبي يتعرض لي بكلام سيء اثر نقلي كلاما عن ان تيارا سياسيا سنيا لم يحمل قضية التعطيل يوم الجمعة بل على العكس حاربها وعمل بعكس ارادة ناخبيه ولعل ان جنون العظمة اصاب معاليه فلم ينتبه الى مقاله حتى انه نصب نفسه مفتيا رغم انه لم ينطق الاية القرآنية الكريمة على الوجه الصحيح.

وتابع: «انتبه يا معالي الوزير الى مقالك وانتبه لواجباتك وحبذا لو قمت بالمهمة التي تتولاها وهي وزارة الدولة لشؤون النازحين التي لم تقم بواجبك تجاهها فلم تبق بلدية ولا حزب ولا مجموعة الا واهانت النازحين وفق معايير طائفية بغيضة ولم نسمع صوتك الحنون فعد الى رشدك».

اوساط سياسية شمالية اعتبرت ان السجال المذكور وما سبقه من خلافات زادت من اتساع الهوة بين الطرفين الامر الذي فسر فراقا سياسيا ـ انتخابيا بينهما حتى ان مسؤول «الجماعة» في عكار محمد هوشر قد اشار الى غياب التنسيق وحتى اللقاءات بينهما فيما توجد اتصالات ولقاءات بين «الجماعة الاسلامية» والرئيس نجيب ميقاتي من جهة وبين «الجماعة» واللواء اشرف ريفي من جهة ثانية وان هذه اللقاءات لم تصل بعد الى مكان محدد حيث يصعب حسم التحالفات قبل شهر شباط المقبل العام 2018. وان مسألة التحالفات مركزية ويتم حسمها وفق المصلحة التي تناسب «الجماعة» حيث سيكون لها مرشحون في دوائر الشمال طرابلس وعكار والضنية وهذه المرة لن يحصل انسحاب من المعركة.
وبرأي هوشر ان لـ«الجماعة الاسلامية» ثقلها الانتخابي في عكار وفي طرابلس نظرا لانتشارها في القرى والبلدات الاسلامية وان مرشح «الجماعة» في طرابلس نال قرابة الـ7000صوت في انتخابات العام 2009 لكن الاستحقاق المقبل وفق النسبية والصوت التفضيلي من شأنه ان يغير المعادلة.

ويعتبر هوشر ان «الجماعة الاسلامية» قادرة على منافسة تيار المستقبل فاذا كانت انتخابات المجلس الشرعي في عكار هي المعيار حيث نال مرشح «الجماعة» 50 صوتا مقابل 54صوتا لمرشح المستقبل فذلك يعني ان للجماعة ثقلها الانتخابي في الوسط الاسلامي.

ويستطيع هوشر التأكيد ان لا تحالف بين «الجماعة» والنائب خالد ضاهر قائلا: «هناك مشكلة معه يعود عمرها الى العام 2000 حين خرج ضاهر من الجماعة بعد قرار فصله، وليست زيارته لامين عام الجماعة المعيار لذلك ولا يمكن أن تؤسس لتحالف معه، فقد نلتقي بضاهر لكن لا يعني ذلك التحالف معه او تبني ترشيحه مطلقا».

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا