الجثث كانت مقطعة الى اجزاء.. العماد عون: 'حق كل عسكري برقبتي'

الديار

2017 -

أيلول -

قبيل العاشرة والنصف بقليل اكتمل عقد «المدعوين» الى غرفة الايجاز في قيادة الجيش التي دخلها العماد جوزاف عون يرافقه كل من المدعي العام العسكري القاضي صقر صقر والبروفيسور فؤاد ايوب، رئيس الجامعة اللبنانية والخبير الدولي بتعريف الهوية الإنسانية، الذي اجريت فحوص التعرف على جثث العسكريين باشرافه وبالتعاون بين قسم طب الأسنان الشرعي وتعريف الهوية الإنسانية في الجامعة اللبنانية ومختبر البيولوجيا الجزئية في جامعة القديس يوسف، وفريق من قسم الأدلة الجنائية في الشرطة العسكرية، حيث كان في انتظارهم وفد من اهالي العسكريين الاسرى العشرة، وعدد من الضباط من الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات.

بالتأكيد لم تكن المواجهة بالسهلة مع ما تفرضه المناسبة من هيبة، فالقائد الذي آثر السكوت طوال الفترة الماضية، مكلفا مدير مكتبه متابعة الملف بادق تفاصيله، قرر ان «يواجه» الاهالي بالخبر الصعب، رغم ان النتائج كانت شبه محسومة سلفا، مدعوما بالوثائق الثبوتية والعلمية. مواجهة كم تمنى لو كانت في استقبال «اولاده» العائدين من الاسر، ابطالا مرفوعين على الاكتاف لا نعوشا سيحملها الرفاق على الاكف يوم الجمعة.

فبين الدمعة والحسرة، وراحة القلب رغم الم الفراق بعد ثلاث سنوات، عشرات الاسئلة والاستفهامات انهالت، رغم اعتبار الكثيرين ان ما من كلام يقال بعد، لاقى بعضها جوابا شافيا فيما بقي قسم آخر في علم الغيب، حرصا من القيادة على مشاعر الاهالي. كلام للقاضي صقر شرح فيه الجانب القضائي والقانوني للملف، قبل ان ياخذ الكلام الطبيب الشرعي الذي شرح بالتفصيل عملية اخذ العينات من الجثث المتحللة، وكيف تم التعامل معها بدقة وحرص شديدين في ظل قرار بانجاز المهمة واعلان النتائج بسرعة لكن دون تسرع، وهو ما تم فعلا، حيث قامت الاطقم المختصة في المستشفى العسكري المركزي بجمع كل جثة على حدة وفقا للنتائج ووضعها في البرادات تمهيدا لنقلها في النعوش الى وزارة الدفاع يوم الجمعة.

وفي هذا الاطار علم ان الجثث كانت في حالة تحلل ما يدل على ان فترة الوفاة تعود لمدة طويلة، كما انها كانت مقطعة الى اجزاء، وهو ما اخر عملية الفحوص.
اما زبدة الكلام فكانت لقائد الجيش، الذي بدت عليه علامات التأثر طوال الوقت، وهو وان ابدى كل التعاطف والمرونة في الاجابة على الاسئلة الا انه كان جازما بعدم اعطاء اي معلومات عن ظروف وفاة العسكريين وكيف، تاركا الامر الى حين استكمال التحقيقات، مشددا وواعدا الاهالي بان حقهم لن يذهب هدرا وان المؤسسة العسكرية لا تضحي بابنائها ولا تعقد الصفقات والتسويات على حساب دماء عسكرييها، «فحق كل عسكري برقبتي، فكل من يمس جنديا او يعتدي عليه حسابه عنا مهما طال الزمن او قصر»، فمن يعتدي على الجيش مصيره معروف، اما القبر واما السوق امام العدالة لينال جزاءه والشواهد على ذلك كثيرة ليس آخرها اعتقال قاتل الشهيدين الرائد بشعلاني والمؤهل زهرمان بعد اربع سنوات على ارتكابه فعلته واصرار الجيش على متابعة ملاحقة الآخرين حتى سوقهم جميعا امام القضاء لينالوا عقابهم، «فالجيش ياخذ حقه ولكنه لا ينتقم».

وعند سؤاله عن الجندي العاشر والذي اعتبر سابقا في اطار المفقودين، وهو الجندي يحيى خضر الذي ضلت الآلية التي كانت تقله مع رفاق له طريقها قبل ان يقعوا في كمين لـ«جبهة النصرة»، انتهى باشتباك فقد على اثره ليتبين بعد سنوات ان الجبهة قامت باعدامه ودفنه دون كشفها اي شيء عن مصيره او ذكره خلال المفاوضات، نافيا كل ما اشيع عن انشقاقه، معتبرا ان من سيكرم كشهيد مستحيل ان يكون منشقا، كاشفا ان معلومات وصلت عن طريق شخصين حددا البقعة التي تتواجد فيها الجثث انما لم يعطيا الاحداثيات الصحيحة، الامر الذي لو كان تم لكانت كثير من الامور قد تغيرت.

الارتياح الذي بدا واضحا على وجوه الاهالي نتيجة ما سمعوه لم يخف خيبتهم، التي دفعت بحسين يوسف الذي اضحى رمزا لهذه القضية من التمني لو ان ابنه بقي مفقودا ولم يعد اليه بهذه الطريقة. راحة وان كانت نهايتها مؤلمة وحزينة، الا انه بات في امكانهم ان يعرفوا مكان اولادهم اليوم وان يزوروهم، معتبرين ان احدا لم يفعل لهم ما فعلته القيادة الحالية التي وعدت وحملت راية قضيتهم ووفت متحملة الكثير من الظلم والتجني الذي ستكشفه الايام، مبدين عتبا واضحا حملوه معهم الى رئيس الحكومة حول ادارة من وضع الملف في عهدته سابقا وكيفية تعامله معه.

تابعوا آخر أخبار "Radar Scoop" عبر Google News، اضغط هنا